نزيف حاد


أحاول أن أستعيد التفاصيل و الدقائق ، إلا أن خلدي يجثم وسط ديجورٍ لا يزيح ولا يزاح ، و وسط تعنتٍ فاضح ، أسترجع بوادر اللحظة الأولى ، و على ما أذكر ، أنني في ذلك الحين كنت متوجهاً نحو حيٍّ يسكنه في غالبه المهووسون و المسكونون بهزيمة المراهقة .......

ابتلع هلعي ، و انيء بمنديلي ما يتصبب به جبيني ، و أمسح وجهي حتى أصل النحر ، فأدوّر المنديل حوله ليلتقط ما سكن عليه ،

أتمهل واقفاً على حافّة المسرب ، حتى يلتمع في عيني لونٌ أخضر منبعثٌ من إشارةٍ ضوئيّة ، أشعر و أنا أراقبه ، أني لأول مرة أهدى الحريّة للقيام بعملٍ ما ، حريّةٌ عبثية .

أعبر مختالاً لظني أني أقيّد مشيئة كل السيارات و راكبيها على يساري ، و أخضعها لإرادتي الضئيلة .

هآأنذا أصل بغيتي ، استرسل فامسك قلماً، وأتساءل : أيمسك قلماً من ارتجفت يمينه و اختنقت شجونه بعصفٍ محموم ؟؟

أحتمل العصف ، و أبتلع الزوابع إذا ما وعدتني باقتناء عيونها لي لوحدي .

أسترحم الدنيا ، فترمي لي ببعثٍ جديدٍ من الأمل ، و أحدّق في العيون ، فتمنح جزل العطايا ، و بأكثر مما أستحق ، أستحقّ نظرةً عابرة ، رشفة من رمش و لست ألاً لامتصاص رحيق الوجنة ، قاتلني الهم إذا ما خنتها ، جافاني رقودي إذا ما عدلت عنها ، استحكمني اليأس إذا ما رغبت عنها ، أُعمل الفكر ، وأشرد بالذهن ، و أقتلع الحصى من طريق الخيال و المجهول ، لأرى نفسي فيما يرى النائم :

متعبد بالعين و الحاجب ، جالسٌ أراقب شعرها ، ستارٌ من الليل أسود ، مسدلٌ على كتفهيا ، أخطو و أقارب ، ويداي عارتان تمسكان أول الأمر  خصلاتٍ مهدّلة ، أمرر شفاهي عبر تلك الجداول و الرخايا من العيون ، رموشها أغصانٌ مكللة .

أستنشق ريح الخد و أعبث بالمسحور من الأعناق ، و أطوّق جيد المها ، علّها ، إذا ما طوّقتها ألوت على كتفي ، و أذهب بعيداً في نعاس .

أطبقت أجفاني عليها ، أراني أُحرق النبتات داخلها أو داخلي ؟!

أُغلق فمي على شفتان احمرّتا ورداً، فتمتزج الأنفاس .

و عندما تنتظم يداي فوق الخصر تحت النهد . ......... أترك دنيتي لأحمل دميتي .

 

 

 

عودة